"فهم الذات مفتاح أساسي للنجاح في الزواج"
عبد الباسط الحمادي
إذا أردت النجاح في زواجك، فأول خطوة عليك القيام بها، بعد أن تفهم معنى الزواج ومتطلباته، هي أن تعرف نفسك حق المعرفة. هذه هي أهم خطوة على الإطلاق. فإذا لم يفهم الإنسان ذاته، ولم يُدرك خبايا شخصيته؛ فكيف له أن يعرف ماذا يريد، أو مَن يناسب شخصيته!
مَعرفتك لنفسك تُعتبر أهم وأشق عمل لا بد أن تقوم به قبل التفكير في الزواج، فكلما عرفت نفسك وفهمت ذاتك بشكل أفضل، كلما كنت أقدر على اتخاذ قرارات أفضل، وبالتالي تحقق نتائج أفضل.1
فهمُك لنفسك يعني فهم شخصيتك وأبعادها وخصائصها، ومعرفة قناعاتك وقيمك ومبادئك وأهدافك. ينبغي عليك أن ترى نفسك وتقرأها كأنها كتاب مفتوح، حتى لا تخفى عليك منها خافية.
معرفتك لذاتك ستضطرك إلى الجلوس مع نفسك، والقيام بتشريحها، وفك شيفرتها، وهذا بدوره سيعينك على فهم غرائزك وتحديد دوافعك الحقيقية للزواج، هل هو الدافع الجنسي أم المشاعر والعاطفة، أم دافع الوالدية (أي الأبوة والأمومة)، أم دوافع اجتماعية (تكوين أسرة وتقوية الروابط العائلية)، أم غيرها من الدوافع المتعددة والتي تختلف من إنسان إلى آخر.
معرفتك لذاتك ستجعلك أقدر على تحليل شخصيتك، ومصارحة نفسك، ومعرفة مكامن قوتك ومواطن ضعفك، وتحديد مزاياك وعيوبك، والوعي بقدراتك ومهاراتك بموضوعية وواقعية، بعيدا عن وهم الشخصية الوردية التي تحلم بها وتتمناها، أو التي تُسقطها على نفسك عندما تنظر في المرآة، فأمام المرآة يمكن للقط أن يرى نفسه أسدا.
وخلال الرحلة المضنية التي ستقطعها لفهم ذاتك ستسأل نفسك أسئلة كثيرة بخصوص الزواج، ومنها: هل لديك مقوّمات الزواج، وهل تتمتع بالقدرات المطلوبة له؟ وهذا من شأنه أن يُرجعك خطوة إلى الخلف لتبحث عن ماهية القدرات التي يُفترض أن تكون عندك كزوج، أو كزوجة؟ فالزواج يتطلب قدرات عديدة من الضروري أن يمتلكها كل إنسان قبل أن يُقدم عليه. وكمثال على بعض هذه القدرات هو بلوغ النضج بأنواعه؛ العقلي والفكري والعاطفي، وكذلك الفعالية الشخصية، والمهارات القيادية والإدارية، وفهم الفروق بين الرجل والمرأة، وكيفية التعامل مع هذه الاختلافات الطبيعية، وهذه في حد ذاتها مسألة ليست بالهينة. فالمرأة والرجل مخلوقان مختلفان شكلا ونفسية وتفكيرا. ورغم المشتركات العديدة، إلا أن كل طرف منهما يفكر بطريقة مختلفة، وله احتياجات ودوافع مختلفة عن الطرف الآخر، ومن يفشل في فهم هذه الاختلافات من الصعب أن ينجح في حياته الزوجية.
بالإضافة إلى ذلك، سيعينك فهمك لذاتك على معرفة لغتك في الحب، بمعنى طريقتك المفضلة في التعبير عن الحب، وكيف تحب أن تتلقى الحب. وهذه سنتناولها بشيء من التوسع في مقال آخر إن شاء الله وذلك لأهميتها في الحياة الزوجية، كما تجدونها بالتفصيل في دورة "البحث عن الكنز"، وأيضا صممنا لك اختبارا مبسطا يساعدك على تحديد لغتك في الحب، فإذا أحببت أن تُجري هذا الاختبار اضغط هنا.
إن معرفتك لذاتك ستحميك من التخبط في كل اتجاه، فلن تبحث عشوائيا عن أي شخص ترتبط به في الزواج، أي أنك لن تكون كالجائع الذي يبحث عن لقمة يسد بها رمقه بغض النظر عن فائدتها أو طعمها، لكن فهمك لذاتك سيجعل منك شخصا ناضجا وواعيا تعرف ما تريد، وتبحث بدقة عن شخصية معينة بمواصفات محددة تتوافق مع شخصيتك وتناسبها، وستصبح قادرا على رسم شريك حياتك المناسب بكل تفاصيله، شكلا ومضمونا، ولن ينقصك إلا معرفة مكان وجوده، وعندما تراه ستقول في نفسك: كأنه هو.. وعند التحقق منه ستقول بكل ثقة: هذا هو نصفي الآخر.. هذا توأم روحي.. هذا هو كنزي في الدنيا والآخرة..
مَعرفتك لنفسك هي التي تجعلك تُفرّق بين الشخص "المثالي" والشخص "المناسب"، فتُصبح حياتك بحثا عن الشخص "الأنسب" لك، وليس "الأمثل" بين الناس، فليس كل شخص رائع يمكن أن يتوافق معك ويسعدك في حياتك مهما كانت روعته.
الخلاصة تتمثل في أن فهمك لذاتك هو مفتاح نجاحك في حياتك عموما، وفي حياتك الزوجية خصوصا. ولهذا تُعتبر البداية الصحيحة هي البدء بمعرفة الذات، لأن بدونها تصبح الأمور متروكة للصدفة والحظ، وقطعا ليس كل إنسان يحالفه الحظ الذي يَحلم به.
فلا تكن من الذين يُضيعون فرصة الاستعداد ويخسرون كنزهم الثمين، ثم يقضون بقية أعمارهم في الندم على ما فات، والغرق في جلد الذات، أو توجيه اللوم والعتاب للآخرين. وكن على ثقة بأنه لا أحد -أيّا كان- سيحمل وزرك عنك، أو يدخل الجحيم بدلا منك، لا في الدنيا ولا في الآخرة.
وكجزء من دورة "البحث عن الكنز"، فصّلنا كيفية فهم النفس، وأيضا صممنا لك اختبارا ومقياسا مجانيا لتحليل الشخصية، فإذا أحببت أن تُجري الاختبار وتعرف نمط شخصيتك بالتحديد، اضغط هنا.
وأيضا يمكنك الحصول مجانا على "خريطة الكنز" وهي بمثابة خارطة طريق مبسطة توضح لك المراحل الرئيسية التي ينبغي اتباعها للوصول إلى شريك الحياة الأنسب لشخصيتك.
وإذا أعجبك هذا المقال فشاركه مع غيرك لتعميم الفائدة، ولا تنس الاشتراك معنا في قناة اليوتيوب، لكي يصلك كل جديد، وأيضا متابعتي على قنوات التواصل الاجتماعي SOCIAL MEDIA LINKS
عبد الباسط الحمادي
1 How the Best Leaders Lead, Brian Tracy