أهم ثلاث نقاط لنجاح حياتك الزوجية

يقول براين تريسي بأن حوالي 70% من قراراتنا يتضح لاحقا بأنها قرارات خاطئة!1 ربما لا بأس بذلك في القرارات البسيطة والمؤقتة، لكن المصيبة عندما يكون أحد هذه القرارات مصيريا واستراتيجيا مثل قرار الزواج، الذي يعتبر أخطر قرار تتخذه في حياتك بعد قرار الإيمان!

ونحن كأفراد نُعتبر مسؤولين عن هذا القرار الخطير بنسبة عالية جدا، مما يحتم علينا أن نعطيه القدر الذي يستحقه، خصوصا عندما نعلم أن الناس في حياتنا يؤثرون على سعادتنا ونجاحنا بنسبة 85% على الأقل2، وفقا لما نقله براين تريسي أيضا، ولا شك أن أهم شخص سيكون له نصيب الأسد في التأثير على سعادتنا ونجاحنا هو شريك العمر الذي سنعيش معه معظم سنوات حياتنا، والتي قد تصل إلى 40 أو 50 سنة أو ربما أكثر من ذلك بكثير، فموسوعة غينيس سجلت زيجات استمرت حوالي 80 عاما3، كما توفي مؤخرا الأمير فيليب، زوج ملكة بريطانيا، أليزابيث الثانية، عن زواج امتد لفترة 73 عاما4.

وبديهي القول أنه من مصلحة كل إنسان أن تكون هذه الحياة الطويلة مفعمة بالسعادة والحب والهناء، خصوصا أن أسعد الناس وأفضلهم صحة وأطولهم عمرا هم أصحاب العلاقات الرائعة كما أكدّت جامعة هارفارد في دراستها5 التي استغرقت ما يزيد عن 75 عاما.

وبما أن شريك حياتك هو أكثر شخص ستعاشره وتعيش معه الحياة بقضها وقضيضها، وكل تفاصيلها، فالحرص في اختياره بعناية يصبح واجبا عليك وعلى كل شخص مقبل على الزواج.

إن الخلافات الزوجية لا تظهر بدون مقدمات، ولا تبرز من فراغ، وليست وليدة الصدفة، بل هي نتيجة طبيعية لقراراتنا واستعدادنا المسبق في مرحلة التخطيط للزواج. ولكي نتفادى أي تعكير لصفو حياتنا المرتقبة، علينا أن نركز على أمور جوهرية ونقاط محورية تكون بمثابة الأساسات المتينة التي نبني عليها حياتنا الزوجية. فنحن من يقرر بناءها بشكل متين أو هش ومتهالك، وذلك يعتمد على مدى وعينا بأهمية وخطورة موضوع الزواج.

ومن ضمن الأمور المهمة التي ينبغي التفكير فيها بشكل عميق هي النقاط الثلاث التالية:

أولا: وضع المعايير الصحيحة لاختيار الشخص المناسب

وهذا من الصعب جدا أن يتحقق من دون أن نفهم أنفسنا ونعرف من يُناسب شخصيتنا. فعندما تعرف من أنت، وماذا تريد، ومن تريد، وكيف تريد أن تعيش حياتك الزوجية، وأين تريد أن تعيشها، ومتى تريد الزواج، ستكون قد رسمت خارطة طريق واضحة ترشدك إلى الكنز المنشود، ذلك الكنز الذي لا يوجد أي كنز آخر يساويه في الدنيا، بعد الإيمان بالله سبحانه وتعالى.

من خلال تحديدك لرؤيتك وأهدافك، ومن خلال معرفتك لدوافعك، ونقاط قوتك وضعفك، وتميزك عن الآخرين، وقدراتك وإمكانياتك، ستكون أقدر على وضع مواصفات واقعية لشريك حياتك، ولن تقبل بأقلّ منها أيا كانت الظروف.

عدم التوافق الزوجي يسبب أمراضا نفسية على رأسها الاكتئاب وتوهم المرض والهستيريا6، وخصوصا للمرأة7 التي تكون في أغلب الأحيان الطرف الأكثر تضررا من فشل العلاقة الزوجية، مما يستوجب عليها أن تكون أكثر حرصا على اختيار الشخص المناسب الذي يتوافق معها.

ثانيا: فهم الآخر بشكل كافٍ

وهذه ميزة فترة التعارف أو الخطوبة ودراسة كل طرف للطرف الآخر بعمق، على أن تكون دراسة موضوعية خالية من التحيز اللاشعوري بسبب المشاعر والعواطف تجاهه.  هذه مرحلة التعرف على شخصية الطرف الآخر، والتحقق من أنه هو فعلا الشخص المناسب، بكل ما تعنيه الكلمة. ونحن هنا لا نعني الشخص "المثالي"، بل الشخص "المناسب" لك ولظروفك. وهذا الفهم والتثبت يحتاج منك إلى فترة كافية، ومعلومات وافية، وقدرة على التحليل والخروج بقرارات عقلانية بعيدة عن المؤثرات العاطفية المؤقتة مهما كان تيارها جارفا.

ثالثا: الاتفاقات الواضحة والدقيقة

وهذه من المعايير التي يغفل عنها الكثير من الناس، ولربما ينسفون كل جهودهم وإنجازاتهم بسبب عدم الاتفاق المسبق على كثير من النقاط التي تُعتبر مصيرية بالنسبة لكل طرف في العلاقة الزوجية. ينبغي عليك أن تفصح لشريكك المحتمل عن أجندتك المعلنة والخفية، وتكون واضحا وصريحا وشفافا، وتناقشا السياسات المستقبلية، وتضعا الخطط بشكل مشترك، وتتوصلا إلى توافق واتفاق بخصوص أي نقاط من شأنها أن تعكر عليكما صفو الوداد، أو أنها تحيل حياتكما إلى ندم قد يمتد لبقية العمر.

ومن النقاط الأساسية التي ينبغي الاتفاق بشأنها، مسألة المال، والأطفال، والعمل، والعلاقات، والواجبات والحقوق، وأسلوب المعيشة، وإلخ من المحاور التي تعتبر مصيرية، وتكون في العادة من أكبر أسباب الخلافات بين الأزواج.

ولاكتمال حلقة الاتفاق وإحداث الأثر القانوني، لا بد من توثيق ما اتفقتما عليه بشكل رسمي أو عُرفي حتى تتمكنا من الاحتكام إليه عند الاختلاف على أي مسألة مستقبلا.

وإذا كانت كل دقيقة تقضيها في التخطيط ستوفر عليك عشر دقائق في التنفيذ8، فقطعا كل وقت تقضيه في الحوار للوصول إلى اتفاقات مُرضية للطرفين سيوفر عليك عشرة أضعافه من الصداع والمشاكل والخلافات.

هذه حياتك وأنت الوحيد المسؤول عنها مسؤولية تامة، فلا تظلم نفسك، ولا تظلم الآخرين بالتسرع أو التقصير أو الإهمال. سعادتك في الدنيا تستحق منك التفكير والتعب والاهتمام، وهذه فرصتك في التخطيط لنجاحك الزوجي فاغتنمها قبل فوات الأوان.. قبل أن ترتكب هذا الخطأ الاستراتيجي، "فإنك بعد لن تتبسما" كما قال الشاعر إيليا أبو ماضي.

ذكرنا هذه النقاط المحورية الثلاث بشكل مختصر، ويوجد غيرها الكثير من النقاط فصّلناها في دورة "البحث عن الكنز"، فكنزك الحقيقي هو نصفك الآخر، وتوأم روحك، وشريك عمرك، ومرآتك التي ستَعكس أجمل ما فيك.

هذه الدورة تختلف عن غيرها من الدورات، فهي شاملة ومتكاملة، من الفكرة إلى الدُّخلة، بل وحتى شهر العسل.

وكجزء من الدورة، صممنا لك اختبارا ومقياسا مجانيا لتحليل الشخصية، فإذا أحببت أن تُجري الاختبار وتعرف نمط شخصيتك بالتحديد، اضغط هنا.

وأيضا يمكنك الحصول مجانا على "خريطة الكنز" وهي بمثابة خارطة طريق مبسطة توضح لك المراحل الرئيسية التي ينبغي اتباعها للوصول إلى شريك الحياة الأنسب لشخصيتك.

وإذا أعجبك هذا المقال فشاركه مع غيرك لتعميم الفائدة، ولا تنس الاشتراك معنا في قناة اليوتيوب، لكي يصلك كل جديد، وأيضا متابعتي على قنوات التواصل الاجتماعي عبر فيسبوك أو انستغرام أو تويتر وأيضا على لنكدإن.

عبد الباسط الحمادي


1 How the Best Leaders Lead, Brian Tracy

2 المرجع السابق

3 موقع https://www.wcax.com/2020/10/27/husband-in-worlds-longest-lived-couple-dies-at-110-after-pandemic-brings-depression/

4 موقع ميترو https://metro.co.uk/2021/04/09/how-many-years-were-queen-elizabeth-ii-and-prince-philip-married-11233206/

5 موقع هارفارد https://news.harvard.edu/gazette/story/2017/04/over-nearly-80-years-harvard-study-has-been-showing-how-to-live-a-healthy-and-happy-life/

6 أثر سوء التوافق الزواجي في تكوين الميل إلى الأمراض النفسية لدى المرأة، دراسة ميدانية لنيل شهادة الدكتوراة، فطيمة ونوغي https://core.ac.uk/download/pdf/35401787.pdf

7 موقع https://www.verywellmind.com/why-is-depression-more-common-in-women-1067040

8 How the Best Leaders Lead, Brian Tracy