يونيو 19

لا تتزوج قبل الاتفاق على هذه الأمور المصيرية

من أهم أسباب الخلافات التي تنشأ بين الأزواج هو عدم الاتفاق المسبق على عدة أمور، من ضمنها أسلوب الحياة الزوجية، والحقوق والواجبات، وكيفية إدارة الحياة الزوجية بما فيها آلية إدارة الخلافات التي ستنشأ عاجلا أو آجلا.

وسبب عدم الاتفاق المسبق هو إما أننا نقلل من أهميته، أو أننا نفتقر إلى تصور واضح لحياتنا بعد الزواج، أو ربما لأننا نفترض بأننا سنصل إلى اتفاق بعد الزواج بشكل أو بآخر، أو غيرها من الافتراضات الواهية. وللأسف قد لا ندرك في فترة ما قبل الزواج بأننا نخاطر بهدم كل ما بنيناه من حب ووئام بسبب خلافاتنا الزوجية مستقبلا على نقاط جوهرية كان كل طرف ينظر إليها على أنها بديهية ومفروغ منها، ثم يكتشف لاحقا أن لدى شريك حياته وجهة نظر مغايرة تماما لما كان يراه هو، ولكنه لم يكن يُبصرها بسبب نشوة الحب، أو قلة الخبرة، أو التمثيل الشعوري أو اللاشعوري، أو غيرها من الأسباب الناتجة عن التقصير، أو المبنية على الافتراضات الخاطئة، والتي تكمن في جذور كل فشل كما يقال.

والحل ببساطة هو أننا نقي أنفسنا عناء هذا الخلاف المحتمل، ونعمل بأسلوب الوقاية، بحيث أننا نضع تصورا شاملا ومحددا لحياتنا الزوجية، ثم نناقشها مع شريك حياتنا المحتمل خلال فترة الخطوبة، ونصل إلى اتفاقات واضحة ودقيقة بشأنها، ونحسمها تماما، بل ونوثقها بكل السبل المتاحة ليكون لها أثر اجتماعي أو قانوني إذا لزم الأمر ضمانا لحفظ الحقوق للطرفين، فهي بمثابة صمام أمان لا بديل عنه.

إن المحاور المثيرة للجدل والخلاف عديدة، لكننا سنطرح هنا بعض أهم النقاط المحورية التي لها أثر كبير على تنظيم العلاقة الزوجية وتقليص حجم الخلاف المحتمل بين الطرفين. لكننا -قبل مناقشتها- نود أن نؤكد بأن العلاقة الزوجية تعتبر علاقة راقية بامتياز، وميثاق غليظ، وعشرة عمر طويلة، وبالتالي نحرص على أن تكون عادلة ومنصفة للطرفين، وأنها فعلا صفقة رابحة لكل منهما، طالما أنها لا تحلل حراما، ولا تحرم حلالا.

1. العمل والمسار المهني

هذه النقطة تعتبر من ضمن أكثر النقاط جدلا بعد الزواج، وبالتالي وجب حسمها قبل الارتباط الرسمي. فلدى كل إنسان تصور -وإن كان غير مكتوب- لحياته الزوجية ولدور شريك حياته فيها. وقد ينحدر الزوج والزوجة من بيئتين مختلفتين، ويأتيا بقناعات مختلفة تجاه مسألة الزوجة العاملة، فالبعض يرى بأن المسار المهني ضرورة حياتية لكل طرف، ولا يمكن التنازل عنه، ويرى أن عمل المرأة مفروغ منه وفقا لتربيتهما على هذه القناعة، وأن الفتاة كانت تدرس بجد واجتهاد وتستعد للالتحاق بوظيفة معينة، أو ربما كانت تعمل أساسا قبل الزواج.

بينما يرى البعض الآخر أن العمل الخارجي يقتصر على الرجل فقط، وأنه هو المطالب بالعمل، ويرى أن دور المرأة يتمثل في إدارة شؤون البيت. وحيث أننا نؤكد أن لكل إنسان الحق في أن يقرر ما يناسبه، إلا أن دورنا يفرض علينا التنبيه على أهمية الاتفاق حول هذه النقطة قبل الزواج. ومن ضمن الأسئلة التي تحتاج من المقبلين على الزواج أن يفكروا في الإجابة عنها هي:

  • هل مسموح للزوجة أن تعمل بعد الزواج؟ وهل ذلك ينطبق على فترة ما بعد الإنجاب؟
  • وهل هناك أعمال معينة مسموح بها، وأخرى غير مسموح بها؟ وهذا ينطبق على الطرفين طبعا.
  • هل هناك بيئات عمل غير مسموح بها، أم لا توجد قيود على ذلك؟
  • هل توجد شروط على توقيت عمل الزوجة؟ بمعنى دوام كامل، أم المسموح فقط دوام جزئي بأيام معينة أو ساعات معينة؟
  • ما هي المسموحات والممنوعات في العلاقة بزملاء وزميلات العمل لكل طرف؟ هل صداقة مفتوحة، أم بحدود؟
  • إذا عملت الزوجة في وجود أطفال، فمع من سيبقى الأطفال؟ مع الزوج، أم مع الأهل؟ وهل مسموح بترك الأطفال مع طرف آخر غير الزوجين؟

2. الأطفال

يمكن تجنب نسبة كبيرة من الخلاف مستقبلا إذا تم الاتفاق على عدة أمور تتعلق بالأطفال، منها ما يلي:

  • هل تتوفر الرغبة لدى الزوجين في الإنجاب؟ أم أن أحدهما لديه موانع معينة؟
  • متى يريدان الإنجاب؟ هل بعد الزواج مباشرة، أم ترك فترة لاختبار الحياة الزوجية بينهما؟ نحن ننصح بتأخير الإنجاب لفترة لا تقل عن سنتين أو ثلاث سنوات بعد الزواج. هذه الفترة تتيح للزوجين الفرصة لأن يتعرفا على بعض بشكل أعمق، ويكونا قد وصلا لمرحلة يقررا فيها فعلا رغبتهما في الاستمرار وتوطيد العلاقة وتأبيدها، أو يقتنعا بأنهما لم يوفقا في الاختيار، والأفضل لكل منهما الفراق بإحسان، والله يغني كلا من سعته. لا شك أن الفراق بدون أطفال سيكون أخف الضرائب على كل طرف، لكن توريط الأطفال في حياة غير مستقرة، أو الطلاق والتضحية بسعادة الأطفال يعتبر من أسوأ الجرائم التي يرتكبها الإنسان في حياته، وستبقى آثارها النفسية معه حتى الممات، فلا هو راضٍ عن نفسه، ولا شريك حياته راضٍ، ولا الأطفال الأبرياء!
  • وللأسف، بعض الإحصاءات تقول أن حوالي ربع الأطفال في العالم يعيشون مع أحد الأبوين فقط، وأن أحد أهم أسباب ذلك هو الطلاق أو الانفصال بين الزوجين، ومن المؤسف أيضا أن حوالي 80% من هؤلاء الأطفال يعيشون مع الأم فقط، أي أن المطلقات هنّ من يتحملن في الغالب تبعات الأطفال ورعايتهم1.
  • في حالة الاتفاق على الإنجاب، كم سيكون العدد المطلوب؟ هل هناك عدد معين، أم أن الرقم مفتوح؟ وكم الفترة بينهم؟ بعض الأزواج لا يكتفي حتى بفريق كرة رياضي، بينما يرى البعض أن طفلين عدد كافٍ وزيادة، أي أن هناك من يركز على الكثرة، وآخر تهمه الجودة، فما هي استراتيجيتكما في ذلك؟
  • وهل ضروري تنوع جنس الأطفال، أي ذكور وإناث، أم لا بأس إن رُزقتم بجنس واحد؟ بعض الأزواج لا يتنازل عن النوعين حتى وإن اضطر الأمر إلى إنجاب عشرين طفلا، وقد يلجأ بعض الرجال إلى الزواج الثاني وربما الثالث والرابع لهذا السبب.
  • وماذا في حالة عدم القدرة على الإنجاب؟ وهذا قد يحدث لأي طرف من الزوجين. فكيف التصرف حينها؟ هل الصبر والاحتساب مع العلاج، أم الانفصال؟ أم قبول الزوجة بأن يتزوج زوجها بزوجة ثانية في حال كانت هي غير قادرة على الإنجاب؟ وهل ستطلب الزوجة من الزوج الطلاق في حال كان هو غير قادر على الإنجاب؟ وكم سيصبر الزوجان حتى تتضح الرؤية؟ أسئلة تحتاج إلى تفكير ونقاش، ومن حق كل إنسان أن يدرسها جيدا، ومن ثم يقرر لحياته ما يناسبه. لا ننسى أن البعض يتزوج بدافع الوالدية، يعني الأبوة والأمومة، وإذا لم يتم إشباع هذا الدافع، فسيسعى لإشباعه على حساب شريك حياته، لا سيما إذا لم يكن هو السبب في عدم الإنجاب.

إذن الاتفاق على موضوع الأطفال يعتبر في غاية الأهمية إذا شئتم أن ترتاحوا وتسعدوا في حياتكم الزوجية.

3. العلاقة بالآخرين

مرحلة ما بعد الزواج ليست كما قبلها عند معظم الناس. وهذا طبيعي بسبب الارتباط مع شخص آخر، فذلك يقتضي منك تقليص بعض حرياتك الشخصية، لأنها إلى حد ما متداخلة مع حرية شريك حياتك، ومن ضمن الأمور التي تتأثر بالزواج هي العلاقة مع العالم الخارجي. وبالتالي من الأفضل لكما مناقشة بعض المسائل المهمة في هذا الإطار، والاتفاق على حلول مرضية للطرفين. وهذه بعض النقاط المهمة:

  • ما حدود العلاقة بالأهل؟ هل العلاقة مفتوحة، أم بحدود؟ هل تتم مناقشة الخلافات الزوجية معهم؟
  • هل يُسمح بمشاركة خصوصيات الأسرة مع الأهل؟ وإلى أي مدى؟
  • كيف سيكون شكل العلاقة الأسرية بالأهل من حيث عدد الزيارات؟ هل هي يومية أم أسبوعية، أم شهرية، أم في المناسبات، أم حسب الظروف؟ 
  • هل ستستمر علاقة الطرفين بأصدقائهما بنفس الكيفية بعد الزواج؟ أم أن هناك قيود على أحدهما؟
  • ماذا عن الصداقات عبر قنوات التواصل الاجتماعي؟ ما هي الحدود والقيود؟ مسألة الصداقات الالكترونية تُعتبر من أسباب الخلافات العصرية بين الزوجين، فكم من زيجة انتهت وانفرط عقدها بسبب العلاقات في العالم الافتراضي، وقد كشفت دراسة نُشرت في مجلة علم النفس السيبراني (Cyberpsychology) أن الفيسبوك أصبح من الأسباب الرئيسية المؤدية للطلاق، كما وجدت دراسة بريطانية بأن واحدة من كل ثلاث حالات طلاق تمت بسبب خلافات ذات علاقة بالسوشيال ميديا2. وبالتالي وجب الاهتمام بهذه النقاط ومناقشتها بالتفصيل، والوصول إلى اتفاق يرضي الطرفين، فكما يقول المثل: "ما أوله شرط آخره نور".

ذكرنا هنا بعض المحاور المهمة، ولا زال غيرها الكثير فصلناها في دورة "البحث عن الكنز"، فكنزك الحقيقي هو نصفك الآخر، وتوأم روحك، وشريك عمرك، ومرآتك التي ستَعكس أجمل ما فيك.

هذه الدورة تختلف عن غيرها من الدورات، فهي شاملة ومتكاملة، من الفكرة إلى الدُّخلة، بل وحتى شهر العسل.

وكجزء من الدورة، صممنا لك اختبارا ومقياسا مجانيا لتحليل الشخصية، فإذا أحببت أن تُجري الاختبار وتعرف نمط شخصيتك بالتحديد، اضغط هنا.

وأيضا يمكنك الحصول مجانا على "خريطة الكنز" وهي بمثابة خارطة طريق مبسطة توضح لك المراحل الرئيسية التي ينبغي اتباعها للوصول إلى شريك الحياة الأنسب لشخصيتك.

وإذا أعجبك هذا المقال فشاركه مع غيرك لتعميم الفائدة، ولا تنس الاشتراك معنا في قناة اليوتيوب، لكي يصلك كل جديد، وأيضا متابعتي على قنوات التواصل الاجتماعي SOCIAL MEDIA LINKS

عبد الباسط الحمادي



Tags


You may also like

{"email":"Email address invalid","url":"Website address invalid","required":"Required field missing"}

Get in touch

Name*
Email*
Message
0 of 350